أعلنت منظمة أطباء بلا حدود أن "أسوأ تفشٍ للكوليرا منذ سنوات" أودى بحياة ما لا يقل عن 40 شخصًا خلال الأسبوع الماضي في السودان. وذكرت الصحفية كات لاي أن المراكز الطبية المرهقة لجأت إلى علاج المرضى على مراتب أرضية، بينما تساعد الحرب الأهلية المستمرة منذ عامين على انتشار المرض.
وأوضح سيلفان بينيكو، منسق مشروعات المنظمة في منطقة طويلة بولاية شمال دارفور، أن العائلات في مخيمات النزوح واللاجئين تضطر أحيانًا لشرب مياه ملوثة، وهي السبب الرئيسي للكوليرا، مشيرًا إلى العثور قبل أسبوعين على جثة في بئر داخل أحد المخيمات، وإلى أن السكان اضطروا لاستخدام الماء نفسه خلال يومين.
ووفق الجارديان، أكدت وزارة الصحة الاتحادية تفشي الكوليرا قبل عام، وسُجل منذ ذلك الحين أكثر من 99700 حالة مشتبه بها و2470 وفاة مرتبطة بالمرض. ويساعد نزوح السكان هربًا من القتال، إضافة إلى الأمطار الغزيرة التي تلوث المياه وتغرق شبكات الصرف الصحي، على تفاقم الأزمة. وأشارت مراكز إفريقيا لمكافحة الأمراض، التابعة للاتحاد الإفريقي، إلى أن القارة سجلت حتى مايو 60% من حالات الكوليرا و93.5% من الوفيات المرتبطة بها عالميًا، مع تأثر دول هشة ومتضررة من النزاعات، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان والسودان، بشكل خاص.
أكدت أطباء بلا حدود أن فرقها في طويلة، بالتعاون مع وزارة الصحة المحلية، عالجت أكثر من 2300 مريض بالكوليرا خلال الشهر الماضي. وبلغت طاقة مركز العلاج في المستشفى 130 سريرًا، لكنه استقبل 400 مريض في الأسبوع الأول من أغسطس وحده. واستقبلت البلدة الصغيرة نحو 380 ألف نازح منذ أبريل هربًا من القتال حول مدينة الفاشر ومخيم زمزم، بحسب سجلات الأمم المتحدة.
توصي منظمة الصحة العالمية بتوفير 7.5 لترات من المياه يوميًا للشخص الواحد للشرب والطهي والنظافة في حالات الطوارئ، لكن سكان طويلة يعيشون على نحو ثلاثة لترات فقط يوميًا. وأشارت المنظمة إلى أن نقص المياه في أنحاء دارفور يجعل الالتزام بإجراءات النظافة الأساسية، مثل غسل الأواني والطعام، أمرًا مستحيلًا، بينما تعجز مراكز علاج الكوليرا في مدن ومناطق أخرى عن استيعاب الأعداد المتزايدة.
قالت سامية دهب، المقيمة في مخيم أوتاش للنازحين في نيالا بولاية جنوب دارفور، إن "المراكز الصحية مكتظة"، موضحة أن بعض المناطق تتوفر فيها المياه، بينما تعتمد مناطق أخرى على أكشاك بعيدة أو فارغة، وأن بعض المياه مالحة ويشربها الناس دون غليها رغم الشك في سلامتها.
من جهته، حذر تونا تركمان، رئيس بعثة أطباء بلا حدود في السودان، من أن الوضع "أكثر من عاجل" وأن المرض "يتوسع كثيرًا خارج مخيمات النزوح ليصل إلى مناطق متعددة عبر ولايات دارفور وخارجها". وفي تشاد المجاورة، سُجلت 16 وفاة و288 إصابة في الأسبوع الثاني من أغسطس.
ودعا تركمان إلى استجابة دولية "لتوفير الرعاية الصحية وتحسين خدمات المياه والصرف الصحي وبدء حملات تطعيم ضد الكوليرا في المناطق المتأثرة بسرعة تتناسب مع خطورة هذا الوضع الكارثي"، مؤكدًا أن "الناجين من الحرب لا يجب أن يموتوا بسبب مرض يمكن الوقاية منه".
https://www.theguardian.com/global-development/2025/aug/14/sudan-cholera-outbreak-water-health-medecins-sans-frontieres-msf-war-refugees